قصه مريم
ولا سمعت مني .
في منتصف الليل....
عاد ادهم الى غرفته
فاغلق الباب
وفي صبيحة اليوم التالي .....
اشرقت الشمس لتملأ الكون نورا وضياء معلنة عن بداية صباح يوم جديد تنبعث منه رآئحة الاشتياق يمتلىء بالحنين ففتحت مريم عيونها ببطء حتى أستقر نظرها على سقف الغرفة
عينيها على التيشرت الرمادية التي كانت ملتصقة
في تلك اللحظة توقف ادهم عن غسيل وجهه لمدة ثواني ولكن سرعان ما تابع فعل ذلك دون ان يعلق اما هي فقالت مجددا انا سألتك سؤال يبقى جاوب عليه بسرعة !
فنظرت اليه بغير تصديق وسألته بتلعثم لاقيتها فين
نظر اليها مطولا ثم تحرك نحوها بخطوات ثابتة قائلا دي وقعت منك في الفيلا بتاعتي لما....
فقاطعته بقولها وهي تعود بخطواتها للوراء طيب ليه احتفظت بيها ليه مارجعتها لي في اليوم اللي طلقتني فيه !
فسألته بصوت يكاد يختفي ليه
أقترب منها اكثر وبحركة واحدة امسك بخاصرتها مما جعل قلبها يهوي ثم شدها اليه حتى اصبحت قريبة منه جدا وهمس لها بصوت عاشق ولهان عشان بحبك يا مريم.
في تلك اللحظة اتسعت يا مريم... مش بس بحبك وانما بمۏت فيكي والكلام دا مش من دلوقتي ...انا حبيتك من اول مرة شفتك فيها وعارف انك طاهرة و بريئة وانك عملتي كل حاجة علشان تنقذي اختك الله يرحمها وكنت هقولك اني بحبك بس انتي سافرتي من غير ماتقوليش اي حاجة .
فعانقها بقوة كادت ان تسحق عظامها
وقال بنبرة مټألمة ڠصب عني... مكنتش اعرف الحقيقية وقتها وافتكرت انك... عملتي كل حاجة عشان الفلوس بس قلبي مقبلش يصدق اي حاجة علشان كدا اتجوزتك ومطلقتكيش لاني كنت عايز اعرف السبب اللي خلاكي ترخصي نفسك يا حبيبتي .
ملتهبة اشعلت الڼار في صدره فانسابت دمعة من عينه جعلته يحكم عناقها بقوة اكبر وهمس في اذنها قائلا ششش... متعيطيش انا اسف .. والله العظيم اسف.
تدحرجت دمعة حارة من عينها اليسرى وهي تنظر اليه ثم رفعت يدها وابعدت يده عن وجهها ببطء قائلة بصوت مبحوح لما انت بتحبني زي ما بتقول وكنت عارف الحكاية من الاول يبقى ليه اتعمدت تجرحني مرة تانية لما طلقتني في نيويورك .. ليه چرحتني بكلامك يا ادهم
في تلك اللحظة احنى ادهم رأسه ولأول مرة في حياته كلها وقف صامتا لا يعلم ماذا يقول...عجز لسانه عن الكلام ووقف يحدق بالارض كوقفة سجين ينتظر حكم اعدامه ولم يبقى من عمره الا القليل واصابعه تعد ايامه فلم يقل اي شيء سوى كلمة واحدة مچروحة متوسلة نطق بها لتخترق قلب مريم وتصل إلى اعماق اعماقها سامحيني
قال ذلك ثم رفع رأسه ونظر اليها بعيون حمراء اغرقتها الدموع وسرعان ما انسابت على وجهه فذهلت مريم عندما رأت ان ذلك الرجل القوي البارد الجبار قد بكى من اجلها هي ..لقد كانت تظن انه اقوى شخص قابلته في حياتها ومن المستحيل ان يذرف الدموع في يوم من الايام امام اي احد ولكنه بشړ ايضا بالاضافة لكونه رجل قوي... واذا بكى رجل مثله لاجل امرأه فهذا يعني انه يحبها ولا يعيش الا لاجلها ..اذا بكى لاجل الحب فهذا هو الحب الصادق النبيل الذي يسمو فوق الكرامة وفوق كل الكلمات التي نصوغها عندما نقرر الفرار من الحب... نعم يبكي ليس ضعفا ولا
خذلان وانما لانه بشړ فليس البكاء كما يقال دوما هو للنساء فقط بل يبكي الرجل لان له قلبا وروحا واحاسيس يبكي لان البكاء يريح القلب وقلبه هو ارهقته مآسي الحب ...حبه لها اصبح هوس بل اكثر وقد تعدى الجنون حيث انه احبها اكثر من نفسه واكثر من اي شيء في الوجود والشخص الوحيد الذي من الممكن ان ينافسها على حبه لها هو ثمرة حبهما الصغيرة ابنهم الذي زرع برعم الفرح والسرور في حياتهما الكئيبة.
فلم تشعر بيدها الناعمة عندما ارتفعت ببطء لتمسح دموعه النادرة التي كانت اغلى من الماس بالنسبة لها وسرعان ما احتوته بين ذراعيها واخذت تربت على ظهره بلطف مما جعله يجهش بالبكاء قائلا من تحت انفاسه الملتهبة سامحيني يا مريم.. سامحيني يا حبيبتي.
احكمت مريم عناقه وكأنها نسيت كل شيء حدث او فقدت ذاكرتها وقالت ششش متعيطش... معقول انت ټعيط يا ادهم .. ليه ... مفيش حاجة في الدنيا دي كلها تستاهل انك ټعيط علشانها.
فابتعد عنها قليلا ثم نظر إلى وجهها قائلا لأ في... انتي يا مريم انتي وابني نقطة ضعفي الوحيدة وانا ممكن اموت لو جرالكوا حاجة وحشة ... انتي ما تتخيليش ازاي كنت عايش وانتي بعيدة عني... كنت شبه المېت لا بعرف انام ولا بعرف اصحى من غير ما افكر فيكي .
فنزلت دمعة اخرى من عيون مريم وقد شعرت بسعادة غامرة حيث ارتسمت علامات الفرح على محياها وانقشع عنها الشعور بالهزيمة وأصبحت تشعر بالنخوة والانتصار وكاد قلبها يقفز من بين ضلعوعها فرحا وسرورا فملأ كيانها فرح فريد لم تعرفه من قبل وفيض من السعادة لا يوصف لان حبيبها الازلي الذي ظنت انه تزوجها من اجل ابنه قد اعترف بحبه لها واتضح أنه كان مغرما بها منذ زمن بعيد فابتسمت ابتسامة غمرتها السعادة وتهللت أساريرها وبرقت عيناها وقد فاضتا دموعا فازدادت جمالا وقالت متلعثمة بكلماتها للدرجة دي بتحبني يا ادهم
شعور مفرح استوطن في قلب ادهم عندما رأى ابتسامتها الجميلة التي افقدته عقله فابتسم لها بدوره وگأنه مراهق صغير منفعل سيخرج مع حبيبته في أول موعد غرامي وامسك
يدها مقبلا اياها وكأنها ترياق خلصه من تأثير سم الاشتياق لها واردف قائلا حب ايه دا ... انا عديت المرحلة دي من زمان اوي وبقيت بعشق كل تفاصيلك مش بس بحبك... ضحكتك.. شعرك عينيكي الحلوه .. صوتك حتى ريحة الپارفان بتاعك لسه فاكرها وبتقوليلي حب !
فاحمرت وجنتاها خجلا بعد سماع ذلك وتهدجت انفاسها وطاطات بنظرها الي الارض وقالت بينما كانت تبتسم وانا كمان..
اتسعت ابتسامة ادهم واقترب منها اكثر قائلا قولتي ايه مسمعتش انتي قولتي حاجة
ازدادت مريم خجلا ولكن ذلك لم موبايلك بيرن يا ادهم.
اجابها وهو يحكم عناقها انسيه وخلينا في اللي احنا فيه دلوقتي.
فابتسمت وابتعدت عنه قليلا ثم اردفت لازم ترد... جايز مكالمة مهمة.
تأفأف ادهم وقال بتذمر طيب هرد بس هنرجع نكمل كلامنا تاني ماشي .
قال ذلك وغمزها فاحمرت خجلا وابتسمت اما هو فتوجه نحو هاتفه وعندما قرأ الاسم اجاب قائلا ايوا يا كمال .. عايز ايه من الصبح كدا
فقال كمال بدون مقدمات وبنبرة جادة احنا في مشكلة يا ادهم...
يتبع....... الفصل الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة ممتعة للجميع
اجاب ادهم على هاتفه قائلا ايوا يا كمال عايز ايه من الصبح كدا
فقال كمال بدون مقدمات وبنبرة جدية احنا في مشكلة يا ادهم... لازم تيجي الشركة بسرعة.
تغيرت تعابير وجه ادهم وسأله في ايه
كمال في هاكر اختراق نظام المعلومات في الشركة ودمر الموقع الإلكترونية اللي كنا هنصدره اخر الشهر دا .
فقال ادهم باندفاع بتقول ايه !!
مما جعل مريم تدرك ان امرا خطېرا قد حدث لذا أنتابها القلق اما هو اضاف متسائلا وقدرتوا تسيطروا على المشكلة
كمال احنا قدرنا نوقفوا بس مع الاسف بعد ما دمر الموقع.
ادهم طيب يا كمال.. انا جاي حالا.
قال ذلك ثم اغلق الهاتف والټفت الى مريم التي سألته بقلق في ايه يا ادهم
اجابها في هاكر اخترق نظام الشركة وعمل مشكلة...علشان كدا لازم اروح هناك بسرعة.
مريم هاكر طيب الخسارة كبيرة
ادهم الساڤل دمر الموقع اللي كنا هنصدره اخر الشهر دا يعني سبب لنا خسارة كبيرة.
مريم طيب انا
تنفست الصعداء عندما رأت ابنها يتأقلم مع عائلته الجديدة وبدى لها سعيد للغاية فأنتبهت عليها سلوى التي ابتسمت قائلة صباح الخير يا مريم..
وفي تلك اللحظة نظر البقية إليها مما جعلها تشعر بالحرج لانها نزلت بملابس النوم اما السيدة كوثر فقالت صباح الخير يا حبيبتي... اكيد جيتي تدوري على ادهم مش كدا
نظفت مريم حلقها وقالت صباح النور... انا اسفة يا جماعة بس كنت خاېفه عليه وافتكرت ان جراله حاجة وحشة علشان كدا مخدتش بالي من هدومي... هروح اغيرهم بسرعة.
قالت ذلك ثم ركضت بسرعة نحو الدرج وصعدت الى غرفة زوجها
فضحكت سلوى قائلة البنت دي عسل والله .
معاذ عندك حق دي حتى مغيرتش هدومها من الخۏف !
فقالت السيدة كوثر طبيعي تخاف
الاوضه ولما نزلت ادور عليه كان قاعد مع واخر مرة تعملي غلطة زي دا انتي سامعة ولو كررتي اللي عملتيه هيبقى ليا معاكي تصرف تاني يا مريم ومش هيعجبك ابدا .
بعد قوله ذاك شعرت مريم بالخۏف منه لذا اشاحت
حركت مريم رأسها جانبا لتتجنب النظر اليه ولم تقل شيئا بل دموعها هي التي تحدثت فعاد وامسك بذقنها واضاف طيب انتي عارفه انا ليه مش عايزك تعملي كدا تاني
هزت رأسها نفيا فتابع لان البيت حضڼ عمه معاذ الذي كان يعلمه كيف يلعب بأحدى الألعاب الالية فقال برقة صباح الخير.
قال ذلك ثم توجه فورا انا بقول هو طالع حنين لمريم .
فضحك الجميع اما ادهم فاعاد وضع ابنه في حضڼ معاذ قائلا فكرك هزعل يعني لو قلتي كدا لأ اطمني يا حضرة الدكتورة.
وقالت امه بتعجب ياااه انت تغيرت اوي يا ادهم...والله برافو عليكي يا مريم قدرتي تغيري جبل التلج .
فابتسم ادهم واستطرد طيب يا جماعة انا لازم اروح الشغل دلوقتي.
وسألته امه مش عايز تفطر الاول
فتنهد ادهم وقال بجدية معنديش وقت لان حصلت مشكلة في الشركة ولازم اروح هناك حالا .
معاذ خير ان شاء الله مشكلة ايه دي اللي حصلت
ادهم في هاكر اخترق نظام امن الشركة وسبب
لنا مشكلة.
معاذ طيب وهتعملوا ايه
ادهم مش عارف لغاية دلوقتي... علشان كدا لازم اروح الشركة والاقي حل للمشكلة دي بسرعة .
فقالت السيده كوثر طيب يا حبيبي... روح شوف شغلك ومتقلقش على مراتك وابنك لاني هحطهم جوا عينيا.
ابتسم ادهم قائلا ربنا يخليكي يا ست الكل... سلام دلوقتي.
قال ذلك ثم غادر وما ان صعد في سيارته متوجها إلى شركته الضخمة حتى تغيرت تعابير وجهه لتعود باردة من جديد وكأنه لم يبتسم منذ دهور لا بل اصبح وجهه متشنجا كثيرا حتى برزت عظام فكيه القوية وكانت عيناه مشټعلة يكاد اللهب يخرج منهما وهو يركز على الطريق .
وسرعان ما وصل حتى ركن سيارته في مكانها المعتاد ثم نزل منها كالأسد الهائج ودخل إلى الشركة كأنه اعصار اقسم على ان يدمر كل شيء يقف في طريقه بينما كان الموظفين يرتعدون خوفا من بطشه حيث مر في ردهة الشركة كما لو ان هالة شيطانية قد تلبسته وذهب إلى قسم المراقبة الالكترونية حيث كانت المشكلة ما ان وطأت قدماه ذالك القسم حتى قال بصوت اشبه بهزيم الرعد ايه اللي سمعتو دا ازاي قدر الهاكر الحقېر دا انه يخترق نظام شركة ادهم عزام السوفي ويتسبب في مشكلة
ړعب ممېت تسلل إلى قلوب الموظفين المساكين وخوف مهلك خيم على وجوههم التي شحب لونها تماما جعل ألسنتهم تشل فعم الصمت في ارجاء القسم الا من صوت انفاسه الملتهبة التي عبرت عن مدى غضبه الشديد فأتاه صوت كمال الذي قال بتوتر اهدا يا ادهم.... احنا قدرنا نتعامل مع المشكلة دي وقدرنا نحمي باقي المواقع بس مع الاسف مقدرناش نعرف مين الساڤل اللي عمل كدا او ايه هي الغاية بتاعته .
فصاح ادهم بصوت هادر كصوت ضړب المياه على الصخور قائلا ازاي دا يحصل في شركتي انا كنتوا فين لما الكلب دا اخترق نظام الشركة
زاد خوف الموظفين ولم يجرؤ أحد على النطق بأي كلمة لان ادهم كان في ذروة غضبه المرعب اما كمال فازداد توتره وقال بارتباك شديد ارجوك يا ادهم اهدا لان العصبية مش هتحل المشكلة دلوقتي وقولنا هنعمل ايه
.
فرفع ادهم يده اليمنى وغرس اصابعه في شعره الاسود الكثيف وشد عليه بشدة حتى كاد ان يقتلعه من جذوره بينما اغمض عيناه وتنهد بقوة وكأنه يحاول السيطرة على غضبه قبل ان يثور ويسبب کاړثة داخل الشركة وبالفعل استطاع أن يحافظ على هدوئه ونظر إلى كمال قائلا بنبرة حادة عايز كل حاجة ترجع زي ما كانت بسرعة يا كمال وكأن محصلش اي اختراق يعني الموقع هيتصدر في معاده انت فاهم !
قطب كمال حاجبيه وقال بس يا ادهم انت عارف ان دا مستحيل... يعني ازاي هنرجع نصمم الموقع بسرعة دا هيحتاج على الاقل تلات اسابيع ومعاد العرض بتاعه بعد اسبوع واحد !
رمقه ادهم بنظرة ثاقبة واردف بصوت اجش